(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ
أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) أي إن ربك هو العليم بمن واصل ليله بنهاره ، وصباحه
بمسائه ، مفكرا فى آياته فى الكون ، وفيما جاء على ألسنة رسله ، حتى اهتدى إلى
الحق الذي ينجيه فى آخرته ، ويبلغه رضوان ربه ، ويبلغه سعادة الدنيا بالسير على
السنن التي وضعها فى خليقته ، فاحتذى حذوها ، وسار على إثرها ـ وبمن حاد عن طريق
النجاة وجعل إلهه هواه وركب رأسه ، فلم يلو على شىء مما جاء به الداعي الناصح
الأمين ، وإنه لمجاز كلّا بما كسب واكتسب ، وسيجزيه على الجليل والحقير ، والصغير
والكبير ، بحسب ما أحاط به واسع علمه ، وبمقدار فضله على من أخبت إليه كما قال : «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا
الْحُسْنى وَزِيادَةٌ» ونكاله بمن دسّى نفسه واجترح السيئات ، مصداقا لقوله : «نَبِّئْ عِبادِي
أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ».
والخلاصة ـ إن
هؤلاء قوم لا تجدى فيهم الذكرى ، ولا تؤثر فيهم العظة ، فلا تبتئس بما كانوا
يفعلون.